عيارات الذهب في الأسواق العربية

10 أكتوبر 2025
ريم الصائغ
عيارات الذهب في الأسواق العربية

تنوع عيارات الذهب حسب العادات المحلية

يُعَدّ الذهب واحدًا من أقدم المعادن النفيسة التي ارتبط بها الإنسان منذ آلاف السنين، فهو لم يكن مجرد وسيلة للزينة أو الادخار، بل اكتسب مكانة اجتماعية وثقافية جعلته حاضرًا في الطقوس، المناسبات، وحتى في رسم المكانة الاقتصادية للأفراد والمجتمعات…

 ومع مرور الزمن، لم يتغيّر حب الناس للذهب، لكن طرائق استخدامه ودرجات نقائه اختلفت من مكان لآخر.

عند الحديث عن الذهب، لا بد من التطرق إلى مفهوم "العيار". العيار هو المقياس الذي يحدد نسبة الذهب الخالص مقارنة بالعناصر الأخرى المضافة إليه مثل النحاس أو الفضة أو الزنك، وذلك بهدف زيادة المتانة وتغيير اللون أحيانًا. 

فمثلًا، الذهب عيار 24 هو الأكثر نقاءً (بنسبة نقاء 99.9%) لكنه في المقابل أقل صلابة، بينما الذهب عيار 18 يحتوي على نسبة معادن مضافة أكبر مما يجعله أكثر صلابة ومناسبًا للاستخدام اليومي.

لكن اختيار العيار في الأسواق العربية لا يرتبط فقط بالجوانب التقنية أو الاقتصادية، بل يتأثر بعوامل أعمق ترتبط بالثقافة والعادات المحلية. ففي بعض الدول، يُفضَّل الذهب الخالص عالي النقاء كرمز للقيمة والثروة، بينما في دول أخرى، تُمنَح الأولوية للعيارات التي تتحمل الاستخدام الطويل وتعكس الطابع التراثي في التصاميم.

وهذا التنوع في التفضيلات جعل من الأسواق العربية لوحة فسيفسائية غنية، حيث نرى أن كل بلد له بصمته الخاصة في اختيار العيار الذي يعكس هويته وذوقه وثقافته. ومن خلال استكشاف هذه الاختلافات، نستطيع أن نفهم بشكل أعمق كيف يُنظر إلى الذهب في منطقتنا، ليس فقط كاستثمار أو مجوهرات، بل كجزء من موروث ثقافي واجتماعي راسخ.


العيارات الأكثر انتشارًا في السعودية

تُعتبر المملكة العربية السعودية من أكبر الأسواق العربية للذهب، سواء من حيث حجم الاستهلاك أو القيمة الشرائية. ويرتبط الذهب في الثقافة السعودية بالزواج، المناسبات الاجتماعية، والاستثمار طويل المدى، لذلك نجد أن اختيار العيار يعكس مزيجًا من الذوق المحلي والاعتبارات الاقتصادية.

في السوق السعودي، يحتل الذهب عيار 22 مكانة بارزة للغاية، إذ يُنظر إليه باعتباره الخيار المثالي للجمع بين النقاء العالي والمتانة الجيدة. هذا العيار يحتوي على حوالي 91.6% من الذهب الخالص، وهو ما يمنحه لمعانًا قويًا وقيمة مرتفعة، وفي الوقت نفسه يجعله أكثر صلابة من الذهب الخالص عيار 24 الذي قد يكون عرضة للخدش أو الانحناء بسهولة. ولذلك، نجد أن كثيرًا من الأسر السعودية تميل إلى اقتناء الحُلي والمجوهرات الثقيلة بعيار 22، مثل الأطقم الكاملة، الأساور، والخواتم المزخرفة التي تُشكّل جزءًا من جهاز العروس.

أما الذهب عيار 21 فيأتي في المرتبة الثانية من حيث الانتشار. يُفضَّل هذا العيار لأنه يجمع بين قيمة مرتفعة وسهولة أكبر في التشكيل والتصميم. وغالبًا ما يرتبط عيار 21 بالقطع التقليدية التي يتم تناقلها عبر الأجيال مثل "الطقم السعودي" أو "الكواسر" والأساور الكلاسيكية، وهو ما يرسّخ مكانته كجزء من الموروث الاجتماعي.

على الجانب الآخر، نجد أن الذهب عيار 18 أقل انتشارًا في السعودية مقارنةً بدول عربية أخرى مثل مصر أو لبنان. السبب يعود إلى أن المجتمع السعودي يميل إلى الذهب عالي النقاء، ويراه أكثر تعبيرًا عن القيمة والمكانة. ومع ذلك، بدأ هذا العيار يلقى إقبالًا محدودًا في السنوات الأخيرة، خصوصًا بين فئة الشباب والنساء الراغبات في اقتناء تصاميم حديثة خفيفة الوزن تناسب الاستخدام اليومي.

ويُمكن القول إن السوق السعودي يميل بوضوح إلى الذهب مرتفع العيار، إذ يرى المستهلك أن الذهب ليس مجرد زينة وقتية، بل هو أصل ادخاري واستثماري يضمن القيمة ويحافظ على الثروة.

 لذلك لا يزال عيار 22 و21 هما الخياران الأكثر رسوخًا، بينما يظل عيار 18 في نطاق ضيق، مرتبط أكثر بالتصاميم المعاصرة…


العيارات الأكثر انتشارًا في الخليج (22 و24)

تتميز أسواق الذهب في دول الخليج العربي – مثل الإمارات، قطر، سلطنة عمان، السعودية، والبحرين – بخصوصية واضحة فيما يتعلق بتفضيل العيارات، حيث يبرز الذهب عيار 24 والذهب عيار 22 كخيارين أساسيين يهيمنان على السوق. 

ويرتبط هذا التفضيل بشكل وثيق بالثقافة الاستثمارية والذوق العام السائد في هذه الدول.

أولًا، يُعتبر الذهب عيار 24 الأعلى نقاءً بنسبة 99.9% تقريبًا، لذلك فهو الأكثر استخدامًا في السبائك الذهبية، الجنيهات، والليرات

فالمستهلك الخليجي لا ينظر إلى الذهب فقط على أنه زينة للنساء، بل يراه أيضًا كأداة استثمارية طويلة الأمد ووسيلة لحفظ الثروة. لهذا السبب، تنتشر محال الذهب في الخليج بعروض واسعة للسبائك والعملات الذهبية عيار 24 التي تُباع وتُشترى بسهولة، وغالبًا ما تكون الخيار الأول للمدخرين والمستثمرين.

أما الذهب عيار 22 فهو الأكثر حضورًا في المشغولات والمجوهرات اليومية إذ يتميز هذا العيار بلمعان قوي وقيمة مرتفعة مع درجة صلابة مناسبة للتصميمات المتنوعة، وهو ما يجعله مثاليًا لصياغة الأطقم الكبيرة، العقود، والأساور المزخرفة التي تُرتدى في المناسبات الاجتماعية. كما أن عيار 22 يُعتبر من العيارات المفضلة في المناسبات التقليدية مثل الأعراس والخطوبات، حيث تُهدى العروس مشغولات ثقيلة الوزن تعكس المكانة الاجتماعية والقيمة المادية.

اللافت في الخليج أن الذهب يُعامل باعتباره وسيلة مزدوجة

: زينة واستثمار في الوقت نفسه. فبينما يفضَّل عيار 24 كأصل ادخاري، يُختار عيار 22 في المجوهرات التي يمكن ارتداؤها واستخدامها دون أن تفقد قيمتها بسهولة. وهذا ما يجعل الأسواق الخليجية من أكثر الأسواق تنوعًا في أنماط العرض والطلب على العيارات المرتفعة.

ومن الأمثلة البارزة، نجد أن الإمارات تُعد مركزًا عالميًا لتجارة الذهب بفضل سوق الذهب في دبي، حيث تعرض المحال سبائك ذهبية عيار 24 إلى جانب أطقم ضخمة بعيار 22. وفي قطر وعُمان، لا تزال العيارات المرتفعة تحظى بالأولوية، بينما يظل الذهب عيار 18 محدود الانتشار، ويقتصر غالبًا على التصاميم الأوروبية الحديثة التي يفضلها بعض الشباب.

وبذلك يمكن القول إن أسواق الخليج تميل إلى الذهب عالي النقاء (22 و24) أكثر من أي عيارات أخرى، وهو ما يعكس طبيعة المجتمع الخليجي الذي يمنح قيمة كبيرة للذهب كجزء من تراثه وثقافته الاقتصادية والاجتماعية.


الذهب البحريني والذهب الكويتي وخصائصهما

يُعَدّ الذهب البحريني والذهب الكويتي من العلامات المميزة في سوق الخليج العربي، إذ ارتبط كل منهما بخصائص جعلته متفردًا عن غيره. الذهب البحريني اكتسب شهرته بفضل الحِرَفية العالية في الصياغة والتفاصيل الدقيقة التي تميّز تصاميمه، حيث تُعرف مشغولاته بلمسة تراثية تتداخل فيها النقوش والزخارف التقليدية مع لمسات معاصرة، هذه الخصوصية جعلت الذهب البحريني خيارًا مفضلًا لعشاق القطع الفنية التي تحمل قيمة ثقافية إلى جانب قيمتها المادية.

أما الذهب الكويتي فيرتبط أكثر بالوزن والقوة، إذ يُشتهر بقطع ثقيلة ذات حضور واضح، ويتميّز باهتمامه بالتوازن بين البساطة والفخامة. وتاريخيًا، لعبت الكويت دورًا مهمًا في تجارة الذهب في الخليج، وهو ما انعكس على سمعة الذهب الكويتي كخيار يعتمد عليه الباحثون عن الجودة العالية والثقة في العيار. وتُعرف بعض القطع الكويتية بكونها مصممة للاستخدام الطويل الأمد، ما يجعلها مرغوبة لدى من يفضلون الاستثمار في المجوهرات الثقيلة بدلًا من السبائك.

وبذلك، يمكن القول إن الذهب البحريني يميل إلى إبراز القيمة الفنية والجمالية، بينما يميل الذهب الكويتي إلى إبراز القيمة المادية والعملية، مما يثري السوق الخليجي بتنوع يخاطب أذواقًا واحتياجات مختلفة.


تأثير الثقافة والتقاليد على اختيار العيار

حين نتأمل أسواق الذهب في العالم العربي، سرعان ما ندرك أن الأمر يتجاوز فكرة البيع والشراء. فكل قطعة ذهبية تحمل في طياتها قصة مرتبطة بثقافة البلد وتقاليده. في بعض المجتمعات، يُنظر إلى الذهب بوصفه كنز العائلة، جزءًا من جهاز العروس وركنًا أساسيًا في مراسم الزواج، وهنا يفضَّل العيار المرتفع مثل 21 أو 22 ليكون شاهدًا على قيمة المناسبة ومكانة الأسرة.

وفي أماكن أخرى، يُنظر إلى الذهب باعتباره زينة يومية ترافق المرأة في حياتها العملية والاجتماعية، فتكون الأولوية للعيارات الأقل نقاءً مثل 18، لأنها أكثر متانة وتتيح مساحة أوسع للتصاميم العصرية الخفيفة. وبين هذين الاتجاهين، تتشكل هوية السوق: فمن يزور مصر مثلًا يلحظ رواج الذهب عيار 18 في محال المجوهرات، بينما يلمس في السعودية والخليج تفضيلًا واضحًا للعيارات الأعلى.

التقاليد أيضًا تلعب دورًا خفيًا في ترسيخ هذه العادات. فالمهر في حفلات الزواج، والهدايا التي تُقدَّم في المناسبات، وحتى القطع التي تُورَّث من جيل إلى جيل، كلها تحدد طبيعة العيار الذي يُنظر إليه على أنه الأنسب. وكأن الذهب هنا ليس مجرد معدن نفيس، بل لغة اجتماعية تعكس الذوق، والقدرة، والانتماء… وهكذا، يصبح اختيار العيار في العالم العربي انعكاسًا مباشرًا لثقافة المجتمع، حيث تتداخل القيم الاقتصادية بالرموز الاجتماعية لتُشكّل مشهدًا متنوعًا لا تخطئه العين.


ختامًا…

من خلال استعراض الأسواق العربية، نكتشف أن الذهب ليس مجرد معدن نفيس يُقاس بالجرام والعيار، بل هو مرآة تعكس ملامح كل مجتمع. ففي السعودية والخليج، نجد حضورًا قويًا للعيارات المرتفعة مثل 22 و24 التي ترتبط بالثقة والاستثمار، بينما في دول أخرى ينتشر عيار 18 لتلبية احتياجات الحياة اليومية وتصاميمها العصرية. أما الذهب البحريني والكويتي، فقد رسّخ كل منهما مكانته بفضل بصمات خاصة تجمع بين الجودة والحِرَفية والوزن الثقيل.

هذا التنوع لا يُنظر إليه كاختلاف فحسب، بل كغنى يميز المنطقة العربية، ويمنح كل سوق هويته الخاصة التي توازن بين التقاليد، الذوق، والبعد الاقتصادي. فاختيار العيار في النهاية ليس قرارًا فرديًا فقط، بل انعكاسًا لتاريخ وثقافة تتوارثها الأجيال.

إذا كنت تبحث عن تجربة شراء ذهب تجمع بين الأصالة والجودة والتنوع، فإن موقع عبدالغني للذهب هو وجهتك المثالية. ستجد هناك مجموعات مصممة بعناية بمختلف العيارات لتناسب كل الأذواق، سواء كنت تبحث عن سبائك استثمارية نقية، أو مجوهرات يومية عصرية، أو أطقم فاخرة للمناسبات الخاصة.

اكتشف الآن تشكيلات عبدالغني للذهب، حيث يلتقي التراث العريق بالتصاميم الحديثة، واحصل على العيار الذي يعكس شخصيتك واحتياجاتك.